القائمة الرئيسية

الصفحات

أهم العناوين

كيف تصلي صلاة الإستخارة . .وما وقتها وماذا تقرأ فيها ؟؟



كيف تصلي صلاة الإستخارة . .وما وقتها وماذا تقرأ فيها ؟؟

 الاِسْتِخَارَةُ لُغَةً:  طَلَبُ الْخِيَرَةِ فِي الشَّيْءِيُقَالاسْتَخِرِ اللَّهَ يَخِرْ لَكَ . وَفِي الْحَدِيثِكَانَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعَلِّمُنَا الاِسْتِخَارَةَ فِي الأُْمُورِ كُلِّهَا .

الاِسْتِخَارَةُ شرعا: طَلَبُ الاِخْتِيَارِ. أَيْ طَلَبُ صَرْفِ الْهِمَّةِ لِمَا هُوَ الْمُخْتَارُ عِنْدَ اللَّهِ وَالأَوْلَى، بِالصَّلاَةِ، أَوِالدُّعَاءِ الْوَارِدِ فِي الاِسْتِخأرةَ

جْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ الاِسْتِخَارَةَ سُنَّةٌ، وَدَلِيل مَشْرُوعِيَّتِهَا مَا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ عَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعَلِّمُنَا الاِسْتِخَارَةَ فِي الأُْمُورِ كُلِّهَا، كَالسُّورَةِ مِنَ الْقُرْآنِإِذَا هَمَّ أَحَدُكُمْ بِالأَْمْرِ فَلْيَرْكَعْ رَكْعَتَيْنِ مِنْ غَيْرِ الْفَرِيضَةِ ثُمَّ يَقُول: إِلَخْ ، وَقَال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَمِنْ سَعَادَةِ ابْنِ آدَمَ اسْتِخَارَةُ اللَّهِ عَزَّ وَجَل     

حِكْمَةُ مَشْرُوعِيَّتِهَا:

حِكْمَةُ مَشْرُوعِيَّةِ الاِسْتِخَارَةِ، هِيَ التَّسْلِيمُ لأَمْرِ اللَّهِ، وَالْخُرُوجُ مِنَ الْحَوْل وَالطَّوْل، وَالاِلْتِجَاءُ إِلَيْهِ سُبْحَانَهُ. لِلْجَمْعِ بَيْنَ خَيْرَيِ الدُّنْيَا وَالآْخِرَةِ. وَيَحْتَاجُ فِي هَذَا إِلَى قَرْعِ بَابِ الْمَلِكِ، وَلاَ شَيْءَ أَنْجَعُ لِذَلِكَ مِنَ الصَّلاَةِ وَالدُّعَاءِ؛ لِمَا فِيهَا مِنْ تَعْظِيمِ اللَّهِ، وَالثَّنَاءِ عَلَيْهِ، وَالاِفْتِقَارِ إِلَيْهِ قَالاً وَحَالاً .

(سَبَبُهَا (مَا يَجْرِي فِيهِ الاِسْتِخَارَةُ  :

  - اتَّفَقَتِ الْمَذَاهِبُ الأَْرْبَعَةُ عَلَى أَنَّ الاِسْتِخَارَةَ تَكُونُ فِي الأُمُورِ الَّتِي لاَ يَدْرِي الْعَبْدُ وَجْهَ الصَّوَابِ فِيهَا، أَمَّا مَا هُوَ مَعْرُوفٌ خَيْرَهُ أَوْ شَرَّهُ كَالْعِبَادَاتِ وَصَنَائِعِ الْمَعْرُوفِ وَالْمَعَاصِي وَالْمُنْكَرَاتِ فَلاَ حَاجَةَ إِلَى الاِسْتِخَارَةِ فِيهَا، إِلاَّ إِذَا أَرَادَ بَيَانَ خُصُوصِ الْوَقْتِ كَالْحَجِّ مَثَلاً فِي هَذِهِ السُّنَّةِ؛ لاِحْتِمَال عَدُوٍّ أَوْ فِتْنَةٍ، وَالرُّفْقَةِ فِيهِ، أَيُرَافِقُ فُلاَنًا أَمْ لاَ ؟ 

وَعَلَى هَذَا فَالاِسْتِخَارَةُ لاَ مَحَل لَهَا فِي الْوَاجِبِ وَالْحَرَامِ وَالْمَكْرُوهِ، وَإِنَّمَا تَكُونُ فِي الْمَنْدُوبَاتِ وَالْمُبَاحَاتِ

مَتَى يَبْدَأُ الاِسْتِخَارَةَ ؟

- يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْمُسْتَخِيرُ خَالِيَ الذِّهْنِ، غَيْرَ عَازِمٍ عَلَى أَمْرٍ مُعَيَّنٍ، فَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْحَدِيثِ: " إِذَا هَمَّيُشِيرُ إِلَى أَنَّ الاِسْتِخَارَةَ تَكُونُ عِنْدَ أَوَّل مَا يَرِدُ عَلَى الْقَلْبِ، فَيَظْهَرُ لَهُ بِبَرَكَةِ الصَّلاَةِ وَالدُّعَاءِ مَا هُوَ الْخَيْرُ، بِخِلاَفِ مَا إِذَا تَمَكَّنَ الأَْمْرُ عِنْدَهُ، وَقَوِيَتْ فِيهِ عَزِيمَتُهُ وَإِرَادَتُهُ، فَإِنَّهُ يَصِيرُ إِلَيْهِ مَيْلٌ وَحُبٌّ، فَيَخْشَى أَنْ يَخْفَى عَنْهُ الرَّشَادُ؛ لِغَلَبَةِ مَيْلِهِ إِلَى مَا عَزَمَ عَلَيْهِ.

وَيُحْتَمَل أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِالْهَمِّ الْعَزِيمَةَ؛ لأَِنَّ الْخَاطِرَ لاَ يَثْبُتُ فَلاَ يَسْتَمِرُّ إِلاَّ عَلَى مَا يَقْصِدُ التَّصْمِيمَ عَلَى فِعْلِهِ مِنْ غَيْرِ مَيْلٍ. وَإِلاَّ لَوِ اسْتَخَارَ فِي كُل خَاطِرٍ لاَسْتَخَارَ فِيمَا لاَ يَعْبَأُ بِهِ، فَتَضِيعُ عَلَيْهِ أَوْقَاتُهُ  . وَوَقَعَ فِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ إِذَا أَرَادَ أَحَدُكُمْ أَمْرًا فَلْيَقُل. . "  

الاِسْتِشَارَةُ قَبْل الاِسْتِخَارَةِ:

  قَال النَّوَوِيُّيُسْتَحَبُّ أَنْ يَسْتَشِيرَ قَبْل الاِسْتِخَارَةِ مَنْ يَعْلَمُ مَنْ حَالِهِ النَّصِيحَةَ وَالشَّفَقَةَ وَالْخِبْرَةَ، وَيَثِقُ بِدِينِهِ وَمَعْرِفَتِهِقَال تَعَالَى  :    ( وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْر )ِ وَإِذَا اسْتَشَارَ وَظَهَرَ أَنَّهُ مَصْلَحَةٌ، اسْتَخَارَ اللَّهَ تَعَالَى فِي ذَلِكَ.

كَيْفِيَّةُ الاِسْتِخَارَةِ:

وَرَدَ فِي الاِسْتِخَارَةِ حَالاَتٌ ثَلاَثٌ:

الأُولَىوَهِيَ الأَوْفَقُ، وَاتَّفَقَتْ عَلَيْهَا الْمَذَاهِبُ الأَرْبَعَةُ، تَكُونُ بِرَكْعَتَيْنِ مِنْ غَيْرِ الْفَرِيضَةِ بِنِيَّةِ الاِسْتِخَارَةِ، ثُمَّ يَكُونُ الدُّعَاءُ الْمَأْثُورُ بَعْدَهَا.

الثَّانِيَةُقَال بِهَا الْمَذَاهِبُ الثَّلاَثَةُ: الْحَنَفِيَّةُ، وَالْمَالِكِيَّةُ، وَالشَّافِعِيَّةُ، تَجُوزُ بِالدُّعَاءِ فَقَطْ مِنْ غَيْرِ صَلاَة  ، إِذَا تَعَذَّرَتِ الاِسْتِخَارَةُ بِالصَّلاَةِ وَالدُّعَاءِ مَعًا.

الثَّالِثَةُوَلَمْ يُصَرِّحْ بِهَا غَيْرَ الْمَالِكِيَّةِ، وَالشَّافِعِيَّةِ، فَقَالُواتَجُوزُ بِالدُّعَاءِ عَقِبَ أَيِّ صَلاَةٍ كَانَتْ مَعَ نِيَّتِهَا، وَهُوَ أَوْلَى، أَوْ بِغَيْرِ نِيَّتِهَا كَمَا فِي تَحِيَّةِ الْمَسْجِدِ  .

وَلَمْ يَذْكُرِ ابْنُ قُدَامَةَ إِلاَّ الْحَالَةَ الأُْولَى، وَهِيَ الاِسْتِخَارَةُ بِالصَّلاَةِ وَالدُّعَاءِ .

وَإِذَا صَلَّى الْفَرِيضَةَ أَوِ النَّافِلَةَ، نَاوِيًا بِهَا الاِسْتِخَارَةَ، حَصَل لَهُ بِهَا فَضْل سُنَّةِ صَلاَةِ الاِسْتِخَارَةِ، وَلَكِنْ يُشْتَرَطُ النِّيَّةُ؛ لِيَحْصُل الثَّوَابُ قِيَاسًا عَلَى تَحِيَّةِ الْمَسْجِدِ، وَعَضَّدَ هَذَا الرَّأْيَ ابْنُ حَجَرٍ الْهَيْثَمِيُّ، وَقَدْ خَالَفَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ فِي ذَلِكَ وَنَفَوْا حُصُول الثَّوَابِ . وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

وَقْتُ الاِسْتِخَارَةِ:

- أَجَازَ الْقَائِلُونَ بِحُصُول الاِسْتِخَارَةِ بِالدُّعَاءِ فَقَطْ وُقُوعَ ذَلِكَ فِي أَيِّ وَقْتٍ مِنَ الأَوْقَاتِ؛ لأَِنَّ الدُّعَاءَ غَيْرُ مَنْهِيٍّ عَنْهُ فِي جَمِيعِ الأَوْقَاتِ  

أَمَّا إِذَا كَانَتِ الاِسْتِخَارَةُ بِالصَّلاَةِ وَالدُّعَاءِ فَالْمَذَاهِبُ الأَرْبَعَةُ تَمْنَعُهَا فِي أَوْقَاتِ الْكَرَاهَةِ. نَصَّ الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ صَرَاحَةً عَلَى الْمَنْعِ ، غَيْرَ أَنَّ الشَّافِعِيَّةَ أَبَاحُوهَا فِي الْحَرَمِ الْمَكِّيِّ فِي أَوْقَاتِ الْكَرَاهَةِ، قِيَاسًا عَلَى رَكْعَتَيِ الطَّوَافِ  . لِمَا رُوِيَ عَنْ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ: أَنَّ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: يَا بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ لاَ تَمْنَعُوا أَحَدًا طَافَ بِهَذَا الْبَيْتِ وَصَلَّى فِي أَيِّ سَاعَةٍ مِنْ لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ.

وَأَمَّا الْحَنَفِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ فَلِعُمُومِ الْمَنْعِ عِنْدَهُمْ.

فَهُمْ يَمْنَعُونَ صَلاَةَ النَّفْل فِي أَوْقَاتِ الْكَرَاهَةِ، لِعُمُومِ أَحَادِيثِ النَّهْيِ، وَمِنْهَا:

رَوَى ابْنُ عَبَّاسٍ قَالشَهِدَ عِنْدِي رِجَالٌ مَرْضِيُّونَ، وَأَرْضَاهُمْ عِنْدِي عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنِ الصَّلاَةِ بَعْدَ الصُّبْحِ حَتَّى تَشْرُقَ الشَّمْسُ، وَبَعْدَ الْعَصْرِ حَتَّى تَغْرُبَ 

وَعَنْ عَمْرِو بْنِ عَبَسَةَ قَالقُلْتُ يَا رَسُول اللَّهِ: أَخْبِرْنِي عَنِ الصَّلاَةِقَالصَل صَلاَةَ الصُّبْحِ، ثُمَّ اقْصِرْ عَنِ الصَّلاَةِ حِينَ تَطْلُعُ الشَّمْسُ حَتَّى تَرْتَفِعَ، فَإِنَّهَا تَطْلُعُ بَيْنَ قَرْنَيِ الشَّيْطَانِ، وَحِينَئِذٍ يَسْجُدُ لَهَا الْكُفَّارُ، ثُمَّ صَل فَإِنَّ الصَّلاَةَ مَحْضُورَةٌ مَشْهُودَةٌ حَتَّى يَسْتَقِل الظِّل بِالرُّمْحِ، ثُمَّ اقْصِرْ عَنِ الصَّلاَةِ فَإِنَّهُ حِينَئِذٍ تُسْجَرُ جَهَنَّمُ، فَإِذَا أَقْبَل الْفَيْءُ فَصَل، فَإِنَّ الصَّلاَةَ مَشْهُودَةٌ مَحْضُورَةٌ حَتَّى تُصَلِّيَ الْعَصْرَ، ثُمَّ اقْصِرْ عَنِ الصَّلاَةِ حَتَّى تَغْرُبَ الشَّمْسُ، فَإِنَّهَا تَغْرُبُ بَيْنَ قَرْنَيِ الشَّيْطَانِ، وَحِينَئِذٍ يَسْجُدُ لَهَا الْكُفَّار 

كَيْفِيَّةُ صَلاَةِ الاِسْتِخَارَةِ:

- اتَّفَقَ فُقَهَاءُ الْمَذَاهِبِ الأَْرْبَعَةِ عَلَى أَنَّ الأَْفْضَل فِي صَلاَةِ الاِسْتِخَارَةِ أَنْ تَكُونَ رَكْعَتَيْنِ. وَلَمْ يُصَرِّحِ الْحَنَفِيَّةُ، وَالْمَالِكِيَّةُ، وَالْحَنَابِلَةُ، بِأَكْثَرَ مِنْ هَذَا، أَمَّا الشَّافِعِيَّةُ فَأَجَازُوا أَكْثَرَ مِنَ الرَّكْعَتَيْنِ، وَاعْتَبَرُوا التَّقْيِيدَ بِالرَّكْعَتَيْنِ لِبَيَانِ أَقَل مَا يَحْصُل بِهِ

الْقِرَاءَةُ فِي صَلاَةِ الاِسْتِخَارَةِ:

 فِيمَا يَقْرَأُ فِي صَلاَةِ الاِسْتِخَارَةِ ثَلاَثَةُ آرَاءٍ:

أ - قَال الْحَنَفِيَّةُ، وَالْمَالِكِيَّةُ، وَالشَّافِعِيَّةُ   :يُسْتَحَبُّ أَنْ يَقْرَأَ فِي الرَّكْعَةِ الأُولَى بَعْدَ الْفَاتِحَة ( قُل يَا أَيُّهَا الْكَافِرُون ) وَفِي الثَّانِيَةِ )  قُل هُوَ اللَّهُ أَحَد )ٌ  .

بوَاسْتَحْسَنَ بَعْضُ السَّلَفِ أَنْ يَزِيدَ فِي صَلاَةِ الاِسْتِخَارَةِ عَلَى الْقِرَاءَةِ بَعْدَ الْفَاتِحَةِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى  ( وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ سُبْحَانَ اللَّهِ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ وَرَبُّكَ يَعْلَمُ مَا تُكِنُّ صُدُورُهُمْ وَمَا يُعْلِنُونَ وَهُوَ اللَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ لَهُ الْحَمْدُ فِي الأُولَى وَالآْخِرَةِ وَلَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ  فِي الرَّكْعَةِ الأُولَى، وَفِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ قَوْله تَعَالَى   :( وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلاَ مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَل ضَلاَلاً مُبِينًا )   

ج - أَمَّا الْحَنَابِلَةُ وَبَعْضُ الْفُقَهَاءِ فَلَمْ يَقُولُوا بِقِرَاءَةٍ مُعَيَّنَةٍ فِي صَلاَةِ الاِسْتِخَارَةِ .

دُعَاءُ الاِسْتِخَارَةِ:

رَوَى الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالكَانَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعَلِّمُنَا الاِسْتِخَارَةَ فِي الأُمُورِ كُلِّهَا، كَالسُّورَةِ مِنَ الْقُرْآنِ إِذَا هَمَّ أَحَدُكُمْ بِالأَْمْرِ فَلْيَرْكَعْ رَكْعَتَيْنِ مِنْ غَيْرِ الْفَرِيضَةِ، ثُمَّ لِيُقَل

اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْتَخِيرُكَ بِعِلْمِكَ، وَأَسْتَقْدِرُكَ بِقُدْرَتِكَ، وَأَسْأَلُكَ مِنْ فَضْلِك الْعَظِيمِ،

 فَإِنَّكَ تَقْدِرُ وَلاَ أَقْدِرُ، وَتَعْلَمُ وَلاَ أَعْلَمُ، وَأَنْتَ عَلاَّمُ الْغُيُوبِ.

 اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ هَذَا الأَمْرَ - وَيُسَمِّي حَاجَتَهُ - خَيْرٌ لِي فِي دِينِي وَمَعَاشِي وَعَاقِبَةِ أَمْرِي - أَوْ قَال عَاجِل أَمْرِي وَآجِلِهِ - فَاقْدُرْهُ

 لِي وَيَسِّرْهُ لِي، ثُمَّ بَارِكْ لِي فِيهِ،

 وَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ هَذَا الأَمْرَ شَرٌّ لِي فِي دِينِي وَمَعَاشِي وَعَاقِبَةِ أَمْرِي - أَوْ قَال عَاجِل أَمْرِي وَآجِلِهِ - فَاصْرِفْهُ عَنِّي وَاصْرِفْنِي عَنْهُ.

 وَاقْدُرْ لِي الْخَيْرَ حَيْثُ كَانَ، ثُمَّ رَضِّنِي بِهِ

قَال الْحَنَفِيَّةُ، وَالْمَالِكِيَّةُ، وَالشَّافِعِيَّةُيُسْتَحَبُّ افْتِتَاحُ الدُّعَاءِ الْمَذْكُورِ وَخَتْمُهُ بِالْحَمْدِ لِلَّهِ وَالصَّلاَةِ وَالتَّسْلِيمِ عَلَى رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .

اسْتِقْبَال الْقِبْلَةِ فِي الدُّعَاءِ:

  - يَسْتَقْبِل الْقِبْلَةَ فِي دُعَاءِ الاِسْتِخَارَةِ رَافِعًا يَدَيْهِ مُرَاعِيًا جَمِيعَ آدَابِ الدُّعَاءِ .

مَوْطِنُ دُعَاءِ الاِسْتِخَارَةِ:

 - قَال الْحَنَفِيَّةُ، وَالْمَالِكِيَّةُ، وَالشَّافِعِيَّةُ، وَالْحَنَابِلَةُيَكُونُ الدُّعَاءُ عَقِبَ الصَّلاَةِ، وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِمَا جَاءَ فِي نَصِّ الْحَدِيثِ الشَّرِيفِ عَنْ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ  . وَزَادَ الشَّوْبَرِيُّ وَابْنُ حَجَرٍ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ، وَالْعَدَوِيُّ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ جَوَازَهُ فِي أَثْنَاءِ الصَّلاَةِ فِي السُّجُودِ، أَوْ بَعْدَ التَّشَهُّدِ          .

مَا يُطْلَبُ مِنَ الْمُسْتَخِيرِ بَعْدَ الاِسْتِخَارَةِ:

 - يُطْلَبُ مِنَ الْمُسْتَخِيرِ أَلاَّ يَتَعَجَّل الإِْجَابَةَ؛ لأَِنَّ ذَلِكَ مَكْرُوهٌ، لِحَدِيثِ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُسْتَجَابُ لأَِحَدِكُمْ مَا لَمْ يَعْجَليَقُولدَعَوْتُ فَلَمْ يُسْتَجَبْ لِي  .   كَمَا يُطْلَبُ مِنْهُ الرِّضَا بِمَا يَخْتَارُهُ اللَّهُ لَهُ  .    

تَكْرَارُ الاِسْتِخَارَةِ:

-  قَال الْحَنَفِيَّةُ، وَالْمَالِكِيَّةُ، وَالشَّافِعِيَّةُيَنْبَغِي أَنْ يُكَرِّرَ الْمُسْتَخِيرُ الاِسْتِخَارَةَ بِالصَّلاَةِ وَالدُّعَاءِ سَبْعَ مَرَّاتٍ؛ لِمَا رَوَى ابْنُ السُّنِّيِّ عَنْ أَنَسٍقَالقَال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يَا أَنَسُ إِذَا هَمَمْتَ بِأَمْرٍ فَاسْتَخِرْ رَبَّكَ فِيهِ سَبْعَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ اُنْظُرْ إِلَى الَّذِي يَسْبِقُ إِلَى قَلْبِكَ فَإِنَّ الْخَيْرَ فِيهِ                        

وَيُؤْخَذُ مِنْ أَقْوَالهُ مَا يَنْشَرِحُ بِهِ صَدْرُهُ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ مَا يَدْعُو إِلَى التَّكْرَارِ. وَصَرَّحَ الشَّافِعِيَّةُ بِأَنَّهُ إِذَا لَمْ يَظْهَرْ لَهُ شَيْءٌ بَعْدَ السَّابِعَةِ اسْتَخَارَ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ  . أَمَّا الْحَنَابِلَةُ فَلَمْ نَجِدْ لَهُمْ رَأْيًا فِي تَكْرَارِ الاِسْتِخَارَةِ فِي كُتُبِهِمُ الَّتِي تَحْتَ أَيْدِينَا رَغْمَ كَثْرَتِهَا .

النِّيَابَةُ فِي الاِسْتِخَارَةِ:

 - الاِسْتِخَارَةُ لِلْغَيْرِ قَال بِجَوَازِهَا الْمَالِكِيَّةُ، وَالشَّافِعِيَّةُ   أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ  : (  مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ يَنْفَعَ أَخَاهُ فَلْيَنْفَعْه  )           

وَجَعَلَهُ الْحَطَّابُ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ مَحَل نَظَرٍفَقَالهَل وَرَدَ أَنَّ الإِنْسَانَ يَسْتَخِيرُ لِغَيْرِهِ؟ لَمْ أَقِفْ فِي ذَلِكَ عَلَى شَيْءٍ، وَرَأَيْتُ بَعْضَ الْمَشَايِخِ يَفْعَلُهُ.

وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِذَلِكَ الْحَنَابِلَةُ، وَالْحَنَفِيَّةُ.

أَثَرُ الاِسْتِخَارَةِ:

أعَلاَمَاتُ الْقَبُول:

 - اتَّفَقَ فُقَهَاءُ الْمَذَاهِبِ الأَرْبَعَةِ عَلَى أَنَّ عَلاَمَاتِ الْقَبُول فِي الاِسْتِخَارَةِ انْشِرَاحُ الصَّدْرِ، لِقَوْل الرَّسُول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْحَدِيثِ الْمُتَقَدِّمِ  )  :  ثُمَّ اُنْظُرْ إِلَى الَّذِي سَبَقَ إِلَى قَلْبِكَ فَإِنَّ الْخَيْرَ فِيهِ أَيْ فَيَمْضِي إِلَى مَا انْشَرَحَ بِهِ صَدْرُهُ

و تَكْرَارَ الاِسْتِخَارَةِ يَكُونُ عِنْدَ عَدَمِ ظُهُورِ شَيْءٍ لِلْمُسْتَخِيرِ، فَإِذَا ظَهَرَ وَشَرْحُ الصَّدْرِعِبَارَةٌ عَنْ مَيْل الإِنْسَانِ وَحُبِّهِ لِلشَّيْءِ مِنْ غَيْرِ هَوًى لِلنَّفْسِ، أَوْ مَيْلٍ مَصْحُوبٍ بِغَرَضٍ، عَلَى مَا قَرَّرَهُ الْعَدَوِيُّ    قَال الزَّمْلَكَانِيُّ مِنَ الشَّافِعِيَّةِلاَ يُشْتَرَطُ شَرْحُ الصَّدْرِ. فَإِذَا اسْتَخَارَ الإِنْسَانُ رَبَّهُ فِي شَيْءٍ فَلْيَفْعَل مَا بَدَا لَهُ، سَوَاءٌ انْشَرَحَ لَهُ صَدْرُهُ أَمْ لاَ، فَإِنَّ فِيهِ الْخَيْرَ، وَلَيْسَ فِي الْحَدِيثِ انْشِرَاحُ الصَّدْرِ.

بعَلاَمَاتُ عَدَمِ الْقَبُول:

  وَأَمَّا عَلاَمَاتُ عَدَمِ الْقَبُول فَهُوَأَنْ يُصْرَفَ الإِنْسَانُ عَنِ الشَّيْءِ، لِنَصِّ الْحَدِيثِ، وَلَمْ يُخَالِفْ فِي هَذَا أَحَدٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ، وَعَلاَمَاتُ الصَّرْفِأَلاَّ يَبْقَى قَلْبُهُ بَعْدَ صَرْفِ الأَمْرِ عَنْهُ مُعَلَّقًا بِهِ، وَهَذَا هُوَ الَّذِي نَصَّ عَلَيْهِ الْحَدِيثُفَاصْرِفْهُ عَنِّي وَاصْرِفْنِي عَنْهُ، وَاقْدُرْ لِي الْخَيْرَ حَيْثُ كَانَ، ثُمَّ رَضِّنِي بِهِ.

 

 

 

 


تعليقات