القائمة الرئيسية

الصفحات

أهم العناوين

الحسن بن علي . . خامس الخلفاء الراشدين . . المفتري عليه

 



الحسن بن علي     خامس الخلفاء الراشدين . . المفتري عليه

سلام علي سيد شباب أهل الجنة ، سلام علي سبط رسول الله ، سلام علي حب رسول الله  ، سلام علي ابن البتول ، سلام علي إمام الزاهدين ، سلام علي خامس الخلفاء الراشدين ، سلام علي الحسن بن علي ( رضوان الله عليهم أجمعين ) .

نشأة الحسن

ولد في النصف من شهر رمضان عام 3 هـ، ونشأ الحسن في بيت أبويه في المدينة المنورة، وكان النبيﷺ يُحب أن يرعاه، وكان يأخذه معه إلى المسجد النبوي في أوقات الصلاة حين يصلي بالناس، وكان الحسن يركب على ظهره وهو ساجد، ويأتي وهو راكع، فيفرج له بين رجليه، حتى يخرج من الجانب الآخر. وكان يحمله على كتفيه، فيقول الناس: «نعم المركب ركبت يا غلام»، فيقول النبي: «ونعم الراكب هو». وكان يذكره على المنبر، فعن أبي بكر قال: «لقد رأيت رسول الله ﷺ على المنبر، وهو يُقبِل على الناس مرة، وعلى الحسن مرة، ويقول: إن ابني هذا سيد وعسى الله أن يصلح به بين فئتين من المسلمين.»

وكان النبي ﷺ يُقبّله ويداعبه ويضعه في حجره ويَرْقِيه، كما كان يدعوه له كثيرًا ويقول: «اللهم إني أحبه فأحبه».

مقتل الإمام علي

بعدما بويع علي بالخلافة، عزم على الخروج للعراق، وكان الحسن لا يريد أباه أن يخرج من المدينة، ولما خرجوا إلى البصرة، أرسل علي الحسن وعمار بن ياسر إلى الكوفة لعزل أبي موسى الأشعري وتولية قرظة بن كعب بدلًا منه، وليقوما باستنفار الناس وحثهم على الخروج معه، ثم حدثت معركة الجمل وكان الحسن على الميمنة وقيل على الميسرة، «وكان يكره القتال ويشير علي أبيه بتركه»، وكذلك حضر معركة صفين وكان على الميمنة أيضًا، وسكن الحسن الكوفة مع أبيه حتى مقتله.

قُتل علي بن أبي طالب على يد عبد الرحمن بن ملجم المرادي، حيث ضربه أثناء الصلاة بسيف مسموم، ثم حُمل على الأكتاف إلى بيته وقال: «أبصروا ضاربي أطعموه من طعامي، واسقوه من شرابي، النفس بالنفس، إن هلكت، فاقتلوه كما قتلني وإن بقيت رأيت فيه رأيي» ونهى عن تكبيله بالأصفاد وتعذيبه. وجيء له بالأطباء الذين عجزوا عن معالجته فلما علم علي أنه ميت قام بكتابة وصيته  .

 ظل السم يسري بجسده إلى أن توفي بعدها بثلاثة أيام، تحديدا ليلة 21 رمضان سنة 40 هـ عن عمر يناهز 64عاما. وبعد مماته تولى عبد الله بن جعفر والحسن والحسين غسل جثمانه وتجهيزه، وصلى عليه الحسن، وكبر عليه أربعًا، وكفن في ثلاثة أثواب ليس فيها قميص، ودُفن في السحر. وكان عبد الرحمن بن ملجم في السجن، فلما مات علي ودُفن، بعث الحسن إلى ابن ملجم، فأخرجه من السجن فقتله، وقيل أمر بضرب عنقه.

    خلافة الإمام الحسن

    بُويع الحسن للخلافة وذلك بعد أن اختاره الناس. وقد كان ذلك في شهر رمضان من سنة 40هـ الموافق لشهر يناير من سنة 661م. ويذكر أن علي بن أبي طالب لم يعين أحد من بعده، وقد طلب منه الناس أن يستخلف أحدًا من بعده، إلا أنه رفض ذلك فقال لهم : «لَا؛ وَلَكِنِّي أَتْرُكُكُمْ إِلَى مَا تَرْكَكُمْ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.» أي بغير استخلاف. وسأل "عبد الله بن جندب" عليًا عن بيعة الحسن فقال: «يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، إِنْ فَقَدْنَاكَ وَلَا نَفْقُدُكَ فَنُبَايِعُ الْحَسَنَ؟ قَالَ: مَا آمُرُكُمْ، وَلَا أَنْهَاكُمْ أَنْتُمْ أَبْصَرُ.» . وفي نفس العام بُويعَ معاوية بن أبي سفيان بإيلياء وكان قبل ذلك يدعى الأمير في الشام فلما قٌتل علي بن أبي طالب دعي بأمير المؤمنين.

قيل «أَنَّ الْحَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ صَلَّى عَلَى عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ فَكَبَّرَ عَلَيْهِ أَرْبَعَ تَكْبِيرَاتٍ، وَدُفِنَ عَلِيٌّ بِالْكُوفَةِ عِنْدَ مَسْجِدِ الْجَمَاعَةِ فِي الرَّحَبَةِ مِمَّا يَلِي أَبْوَابَ كِنْدَةَ قَبْلَ أَنْ يَنْصَرِفَ النَّاسُ مِنْ صَلَاةِ الْفَجْرِ، ثُمَّ انْصَرَفَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ مِنْ دَفْنِهِ فَدَعَا النَّاسَ إِلَى بَيْعَتِهِ فَبَايَعُوهُ، وَكَانَتْ خِلَافَةُ عَلِيٍّ أَرْبَعَ سِنِينَ وَتِسْعَةَ أَشْهُرٍ.»

وكان أول من بايع الحسن بالخلافة هو قيس بن سعد الانصاري، وقال له: «ابسط يدك أبايعك عَلَى كتاب اللَّه، عَزَّ وَجَلَّ، وسنة نبيه وقتال المحلين، فَقَالَ لَهُ الْحَسَن، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: عَلَى كتاب اللَّه وسنة نبيه، فإن ذَلِكَ يأتي من وراء كل شرط، فبايعه وسكت وبايعه الناس.» ويذكر أن عبد الله بن عباس قد حفز المسلمين على مبايعته فقال: «معاشر الناس إن هذا ابن بنت نبيكم ووصي إمامكم فبايعوه.» فاستجابوا له، وقالوا: «ما أحبه إلينا وأحقه بالخلافة.» فتبادر الناس إلى بيعته.

شروط الحسن علي أهل العراق

اشترط الحسن على أهل العراق عندما أرادوا بيعته بالسمع والطاعة، وأن يسالموا من سالم، وأن يحاربوا من حارب، «بَايَعَ أَهْلُ الْعِرَاقِ الْحَسَن بْنَ عَلِيٍّ بِالْخِلافَةِ، فَطَفِقَ يَشْتَرِطُ عَلَيْهِمُ الْحَسَنُ: إِنَّكُمْ سَامِعُونَ مُطِيعُونَ، تُسَالِمُونَ مَنْ سَالَمْتُ، وَتُحَارِبُونَ مَنْ حَارَبْتُ، فَارْتَابَ أَهْلُ الْعِرَاقِ فِي أَمْرِهِمْ حِينَ اشْتَرَطَ عَلَيْهِمْ هَذَا الشَّرْطَ، وَقَالُوا: مَا هَذَا لَكُمْ بِصَاحِبٍ، وَمَا يُرِيدُ هَذَا الْقِتَالَ.» عن خالد بن مضرب، قال: «سمعت الحسن بن علي يقول: والله لا أبايعكم إلا على ما أقول لكم. قالوا: ما هو؟ قال: تسالمون من سالمت وتحاربون من حاربت.» وقول ميمون بن مهران: «إن الحسن بن علي بن أبي طالب بايع أهل العراق بعد علي على بيعتين. بايعهم على الإمرة. وبايعهم على أن يدخلوا فيما دخل فيه. ويرضوا بما رضي به.»

الخلفاء الراشدين

عدد السنوات

عدد الشهور

أبو بكر الصديق

سنتان

3 شهور

عمر بن الخطاب

10 سنوات

6 شهور

عثمان بن عفان

12 سنة

-

علي بن أبي طالب

4  سنوات

9 شهور

الحسن بن علي بن أبي طالب

-

6 شهور

المجموع = 30 سنة

مدة خلافة الحسن

استمر الحسن بعد بيعته خليفة على الحجاز واليمن والعراق وخراسان وغير ذلك نحو سبعة أشهر، وقيل ثمانية أشهر، وقيل ستة أشهر. ويعتقد أهل السنة والجماعة أن خلافة الحسن بن علي كانت خلافة حقة وأنها جزء مكمل لخلافة النبوة (خلافة راشدة) التي أخبر النبي محمد أن مدتها ثلاثون سنة ثم تصير ملكًا، فقد روى الترمذي بإسناده إلى سفينة مولى النبي قال: «قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: الخِلاَفَةُ فِي أُمَّتِي ثَلاَثُونَ سَنَةً، ثُمَّ مُلْكٌ بَعْدَ ذَلِكَ.» وقد علق ابن كثير على هذا الحديث فقال: «وَإِنَّمَا كَمَلَتِ الثَّلَاثُونَ بِخِلَافَةِ الْحَسَنِ بن على، فَإِنَّهُ نَزَلَ عَنِ الْخِلَافَةِ لِمُعَاوِيَةَ فِي رَبِيعٍ الْأَوَّلِ مِنْ سَنَةِ إِحْدَى وَأَرْبَعِينَ، وَذَلِكَ كَمَالُ ثَلَاثِينَ سَنَةً مِنْ مَوْتِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَإِنَّهُ تُوُفِّيَ فِي رَبِيعٍ الْأَوَّلِ سَنَةَ إِحْدَى عَشْرَةَ مِنَ الْهِجْرَةِ، وَهَذَا من دلائل النبوة صلوات الله وسلامه عليه وسلم تسليما.» وبذلك يكون الحسن خامس الخلفاء الراشدين فلم يكن في الثلاثين سنة بعد وفاة النبي إلا الخلفاء الأربعة وأيام الحسن. وقد قرر جمع من علماء أهل السنة والجماعة عند شرحهم لقول النبي: «الخِلاَفَةُ فِي أُمَّتِي ثَلاَثُونَ سَنَةً.» أن الأشهر التي تولى فيها الحسن بن علي بعد موت أبيه كانت داخلة في خلافة النبوة ومكملة لها .

إدارة دولة الخلافة

كانت الظروف التي أعقبت وفاة علي بن أبي طالب صعبة ومعقدة، إذ ما زالت الحرب قائمة مع معاوية بن أبي سفيان، وفي هذه الظروف بايع أهل الكوفة الحسن بن علي بالخلافة في سنة 40هـ الموافقة لسنة 661م، ولذلك لم يكن لدى الحسن متسع من الوقت لإجراء تغييرات إدارية، أو تغيير للولاة، فأقر عمال أبيه على ولاياتهم، عدا الكوفة، فقد ولى عليها المغيرة بن نوفل بن الحارث بن عبد المطلب بعدما سار إلى معاوية بدلًا من واليها السابق "هانئ بن هوذة النخعي". أما على المدائن فقد استمر سعد بن مسعود الثقفي عاملًا عليها، وقد كان عاملًا للخليفة علي بن أبي طالب على ذات المدينة، وقد استبقاه الحسن إبان خلافته واستمر يشغل منصبه إلى نهاية عهد الحسن وتنازله لمعاوية بن أبي سفيان.

أما على البصرة فقد جاء في بعض الروايات بأن عبد الله بن عباس بن عبد المطلب كان واليًا عليها من قبل الخليفة علي بن أبي طالب وبقي عليها لغاية عقد الصلح مع معاوية بن أبي سفيان، ثم خرج من البصرة معتزلًا السياسة قاصدًا مكة المكرمة وتفرغ للعلم والتعليم.

أما ولاية فارس فقد كانت لزياد بن أبيه، وقد كان علي بن أبي طالب قد بعثه إليها لتأديب بعض المتمردين، فظفر بهم وتمكن من القضاء عليهم، ثم ولاه بعد ذلك عليها لغاية عقد الصلح مع معاوية بن أبي سفيان. كما قام الحسن بإبقاء العمال أنفسهم الذين كانوا يعملون لوالده، فقد استبقى عبيد الله بن رافع كاتبًا، واستبقى شريح بن الحارث قاضي الكوفة، وأبقى معقل بن قيس الرياحي على الشرطة. ولم يستحجب حاجبًا.

   نُبوءة الصلح

في صحيح البخاري عن الحسن البصري قال: «وَلَقَدْ سَمِعْتُ أَبَا بَكْرَةَ، قَالَ: بَيْنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْطُبُ، جَاءَ الحَسَنُ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «ابْنِي هَذَا سَيِّدٌ، وَلَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يُصْلِحَ بِهِ بَيْنَ فِئَتَيْنِ مِنَ المُسْلِمِينَ».» وجاء الحديث لدى أحمد بن حنبل في مسنده عن الحسن البصري قال: «سَمِعْتُ أَبَا بَكْرَةَ، وَقَالَ سُفْيَانُ مَرَّةً: عَنْ أَبِي بَكَرَةَ، رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْمِنْبَرِ وَحَسَنٌ مَعَهُ، وَهُوَ يُقْبِلُ عَلَى النَّاسِ مَرَّةً، وَعَلَيْهِ مَرَّةً، وَيَقُولُ: «إِنَّ ابْنِي هَذَا سَيِّدٌ، وَلَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يُصْلِحَ بِهِ بَيْنَ فِئَتَيْنِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ».»

   التمهيد للصلح ثم محاولة اغتياله

  فتشير الروايات على أن الحسن قد قام فور استخلافه بوضع شرط لقبوله مبايعة أهل العراق له وهو أن يقوموا بمسالمة من يسالم ويحاربون من يحارب، فعن ميمون بن مهران، قال: «إن الحسن بن علي بن أبي طالب بايع أهل العراق بعد علي على بيعتين. بايعهم على الإمرة. وبايعهم على أن يدخلوا فيما دخل فيه. ويرضوا بما رضي به.» ويقول خالد بن مضرب، قال: «سمعت الحسن بن علي يقول: والله لا أبايعكم إلا على ما أقول لكم. قالوا: ما هو؟ قال: تسالمون من سالمت وتحاربون من حاربت.»

يقول عمرو بن دينار: «أن معاوية كان يعلم أن الحسن كان أكره الناس للفتنة. فلما توفي علي بعث إلى الحسن فأصلح الذي بينه وبينه سرًا وأعطاه معاوية عهدا إن حدث به حدث والحسن حي ليسمينه وليجعلن هذا الأمر إليه.»

بعد أن كشف الحسن عن نيته في الصلح مع معاوية وقعت محاولة لاغتياله، قد جرت بعد استخلافه بقليل، «أن الحسن بن علي لما استخلف حين قتل علي. فبينما هو يصلي إذ وثب عليه رجل فطعنه بخنجر. وزعم حصين أنه بلغه أن الذي طعنه رجل من بني أسد- وحسن ساجد، قال حصين: وعمي أدرك ذاك. قال: فيزعمون أن الطعنة وقعت في وركه فمرض منها أشهرًا ثم برئ. فقعد على المنبر فقال: «يا أهل العراق اتقوا الله فينا فإنا أمراؤكم وضيفانكم أهل البيت الذين قال الله: ﴿إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا﴾ قال: فما زال يقول ذاك حتى ما يرى أحد من أهل المسجد إلا وهو يخن بكاء.»

المسير نحو المدائن

  لقد دفع أهل العراق الحسن إلى الخروج لقتال أهل الشام من غير رغبة منه، فخرج الحسن بجيش العراق من الكوفة إلى المدائن، وأرسل القوة الضاربة من الجيش وهي "شرطة الخميس" إلى "مسكن" بقيادة قيس بن سعد بن عبادة. «بايع أهل العراق بعد علي بن أبي طالب الحسن بن علي، ثم قالوا له: سر إلى هؤلاء القوم الذين عصوا الله ورسوله وارتكبوا العظيم وابتزوا الناس أمورهم. فإنا نرجو أن يمكن الله منهم. فسار الحسن إلى أهل الشام. وجعل على مقدمته قيس بن سعد بن عبادة. في اثني عشر ألفا، وكانوا يسمون شرطة الخميس.»  ، «وَلَمْ يَكُنْ فِي نِيَّةِ الْحَسَنِ أَنْ يُقَاتِلَ أَحَدًا، وَلَكِنْ غَلَبُوهُ عَلَى رَأْيِهِ، فَاجْتَمَعُوا اجْتِمَاعًا عَظِيمًا لَمْ يُسْمَعْ بِمِثْلِهِ، فَأَمَرَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ قَيْسَ بْنَ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ عَلَى الْمُقَدِّمَةِ فِي اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفًا بَيْنَ يَدَيْهِ، وَسَارَ هُوَ بِالْجُيُوشِ فِي إِثْرِهِ قَاصِدًا بِلَادَ الشَّامِ، لِيُقَاتِلَ مُعَاوِيَةَ وَأَهْلَ الشَّامِ فَلَمَّا اجْتَازَ بِالْمَدَائِنِ نَزَلَهَا وَقَدَّمَ الْمُقَدِّمَةَ بَيْنَ يَدَيْهِ.» وكان تاريخ خروج الحسن من الكوفة في شهر صفر من سنة 41هـ. بعد أن وصل خبر خروج الحسن إلى المدائن خرج معاوية بن أبي سفيان بأهل الشام إلى العراق حتى نزل جسر منبج، فأقبل من جسر منبج إلى "مسكن" في خمسة أيام ودخل في اليوم السادس.

التنازل عن الخلافة والصلح مع معاوية

جاء في صحيح البخاري الحسن البصري:

            اسْتَقْبَلَ وَاللَّهِ الحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ مُعَاوِيَةَ بِكَتَائِبَ أَمْثَالِ الجِبَالِ، فَقَالَ عَمْرُو بْنُ العَاصِ: إِنِّي لَأَرَى كَتَائِبَ لاَ تُوَلِّي حَتَّى تَقْتُلَ أَقْرَانَهَا، فَقَالَ لَهُ مُعَاوِيَةُ وَكَانَ وَاللَّهِ خَيْرَ الرَّجُلَيْنِ: أَيْ عَمْرُو إِنْ قَتَلَ هَؤُلاَءِ هَؤُلاَءِ، وَهَؤُلاَءِ هَؤُلاَءِ مَنْ لِي بِأُمُورِ النَّاسِ مَنْ لِي بِنِسَائِهِمْ مَنْ لِي بِضَيْعَتِهِمْ، فَبَعَثَ إِلَيْهِ رَجُلَيْنِ مِنْ قُرَيْشٍ مِنْ بَنِي عَبْدِ شَمْسٍ: عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ سَمُرَةَ، وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَامِرِ بْنِ كُرَيْزٍ، فَقَالَ: اذْهَبَا إِلَى هَذَا الرَّجُلِ، فَاعْرِضَا عَلَيْهِ، وَقُولاَ لَهُ: وَاطْلُبَا إِلَيْهِ، فَأَتَيَاهُ، فَدَخَلاَ عَلَيْهِ فَتَكَلَّمَا، وَقَالاَ لَهُ: فَطَلَبَا إِلَيْهِ، فَقَالَ لَهُمَا الحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ: إِنَّا بَنُو عَبْدِ المُطَّلِبِ، قَدْ أَصَبْنَا مِنْ هَذَا المَالِ، وَإِنَّ هَذِهِ الأُمَّةَ قَدْ عَاثَتْ فِي دِمَائِهَا، قَالاَ: فَإِنَّهُ يَعْرِضُ عَلَيْكَ كَذَا وَكَذَا، وَيَطْلُبُ إِلَيْكَ وَيَسْأَلُكَ قَالَ: فَمَنْ لِي بِهَذَا، قَالاَ: نَحْنُ لَكَ بِهِ، فَمَا سَأَلَهُمَا شَيْئًا إِلَّا قَالاَ: نَحْنُ لَكَ بِهِ، فَصَالَحَهُ، فَقَالَ الحَسَنُ: وَلَقَدْ سَمِعْتُ أَبَا بَكْرَةَ يَقُولُ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى المِنْبَرِ وَالحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ إِلَى جَنْبِهِ، وَهُوَ يُقْبِلُ عَلَى النَّاسِ مَرَّةً، وَعَلَيْهِ أُخْرَى وَيَقُولُ: «إِنَّ ابْنِي هَذَا سَيِّدٌ وَلَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يُصْلِحَ بِهِ بَيْنَ فِئَتَيْنِ عَظِيمَتَيْنِ مِنَ المُسْلِمِينَ»،

محاولة اغتياله وموقف جيشه وقادته

بعد نجاح مفاوضات الصلح بين الحسن ومعاوية، شرع الحسن في تهيئة نفوس أتباعه على تقبل الصلح الذي تم، فقام فيهم خطيبًا ليبين لهم ما تم بينه وبين معاوية، قال الحسن: «إني أرجو أن أكون أنصح خلف لخلقه، وما أنا محتمل عَلَى أحد ضغينة وَلا حقدًا، وَلا مريد بِهِ غائلة وَلا سوءً، ألا وإن مَا تكرهون فِي الجماعة خير لكم مما تحبون فِي الفرقة، ألا وإني ناظر لكم خيرًا من نظركم لأنفسكم، فلا تخالفوا أمري وَلا تردوا علي، غفر اللَّه لي ولكم.» وفيما هو يخطب هجم عليه بعض معسكره محاولين قتله بعد أن اتهموه بالضعف لعزمه على صلح معاوية، وشدوا على فسفاطه، فدخلوه، وانتزعوا مصلاه من تحته، وانتهبوا ثيابه. ثم شد عليه "عبد الرحمن بن عبد الله بن جعال الأزدي" فنَزَعَ رداءَهُ عن عاتقه، فبقي متقلدًا سيفه فدهش، ثم رجع ذهنه، فركب فرسه، وأطاف به الناس، فبعضهم يعجزه ويضعفه، وبعضهم بنحي أولئك عنه، ويمنعهم منه، وانطلق رجل يقال له "الجراح بن سنان الأسدي" وكان يرى رأي الخوارج فانتظر الحسن في "مظلم ساباط"، فقعد له ينتظره، فلما مر الحسن، ودنا من دابته فأخذ بلجامها، ثم أخرج معولًا كان معه، وقال: «أشركت يا حسن كما أشرك أبوك من قبل.» وطعنه بالمعول في أصل فخذه، فشق في فخذه شقًا كاد يصل إلى العظم، وضرب الحسن وجهه، ثم اعتنقا وخرا إلى الأرض، ثم سارع "عبد الله بن الخضل الطائي" فنزع المعول من يده، وقام "ظبيان بن عمارة التميمي" بقتل الجراح.

الحسن في قصر المدائن

وحُمل الحسن إلى المدائن، ثم أتى سعد بن مسعود الثقفي عامل الحسن على المدائن بطبيب وقام عليه حتى برئ وحوله إلى القصر الأبيض بالمدائن.

  «جمع الحسن بن علي رؤوس أصحابه في قصر المدائن. فقال: يا أهل العراق لو لم تَذْهَلْ نفسي عنكم إلا لثلاث خصال لَذَهَلْتُ: مقتلكم أبي. ومطعنكم بغلتي. وانتهابكم ثقلي أو قال: ردائي عن عاتقي. وإنكم قد بايعتموني أن تسالموا من سالمت وتحاربوا من حاربت وإني قد بايعت معاوية فاسمعوا له وأطيعوا. قال: ثم نزل فدخل القصر.»

شرطة الخميس

وأما موقف شرطة الخميس وهم مقدمة جيش العراق من الصلح ،عن أبي الغريف، قال: «كُنَّا فِي مُقَدِّمَةِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفًا تَقْطُرُ أَسْيَافُنَا مِنَ الْحِدَّةِ عَلَى قِتَالِ أَهْلِ الشَّامِ، وَعَلَيْنَا أَبُو الْعُمُرِطَهْ، فَلَمَّا أَتَانَا صُلْحُ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ وَمُعَاوِيَةَ كَأَنَّمَا كُسِرَتْ ظُهُورُنَا مِنَ الْحَرَدِ وَالْغَيْظِ، فَلَمَّا قَدِمَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْكُوفَةَ قَامَ إِلَيْهِ رَجُلٌ مِنَّا يُكَنَّى أَبَا عَامِرٍ سُفْيَانُ بْنُ اللَّيْلِ، فَقَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا مُذِلَّ الْمُؤْمِنِينَ، فَقَالَ الْحَسَنُ: «لَا تَقُلْ ذَاكَ يَا أَبَا عَامِرٍ، لَمْ أَذِلَّ الْمُؤْمِنِينَ، وَلَكِنِّي كَرِهْتُ أَنْ أَقْتُلَهُمْ فِي طَلَبِ الْمُلْكِ».»

أما موقف قيس بن سعد بن عبادة أمير مقدمة جيش الحسن من الصلح، أنه تردد في الدخول فيه، واعتزل بمن أطاعه من جيشه مدة، ثم دخل في الصلح وبايع معاوية بن أبي سفيان بعد مراجعته للأمر.

وأما مواقف أمراء علي بن أبي طالب من الصلح فقد اتسمت بالتباين والتفاوت، حيث قبله بعضهم وكرهه بعضهم الآخر. فكان موقف عبد الله بن جعفر بن أبي طالب القبول والاستحسان، وأما زياد بن أبيه وقيس بن سعد بن عبادة فقد كان بالرفض ثم القبول، وهناك فريق ثالث دخل الصلح وهو له كاره، وهؤلاء ينقسمون إلى قسمين: قسم يرى أن الصلح ملزم له في ظل حياة الحسن فقط ويمثل هؤلاء حجر بن عدي، وقسم يرى أن الصلح ملزم له في ظل حياة الحسن ومعاوية، أو الآخر موتًا منهما، ويمثل هؤلاء الحسين بن علي.

لقاء الحسن ومعاوية

ترك الحسن  المدائن وسار إلى الكوفة بعد أن نجى من محاولة الاغتيال الأخيرة في معسكره، ولما أراد المسير أتاه عبد الرحمن بن سمرة وعبد الله بن عامر بن كريز بكتاب الصلح كما أُسلف. وبعد ذلك سار معاوية من "مسكن" إلى "النخيلة"، ثم خرج الحسن من الكوفة إلى النخيلة لمقابلة معاوية وتسليم الأمر له.

    قال الشعبي: «شهدت الحسن بن علي رضي الله عنه بالنخيلة حين صالحه معاوية رضي الله عنه، فقال له معاوية: إذا كان ذا فقم فتكلم، وأخبر الناس أنك قد سلمت هذا الأمر لي. وربما قال سفيان: أخبر الناس بهذا الأمر الذي تركته لي. فقام فخطب على المنبر، فحمد الله وأثنى عليه -قال الشعبي: وأنا أسمع- ثم قال: "أما بعد، فإن أكيس الكيس التقى، وإن أحمق الحمق الفجور، وإن هذا الأمر الذي اختلفت فيه أنا ومعاوية إما كان حقًا لي تركته لمعاوية إرادة صلاح هذه الأمة، وحقن دمائهم، أو يكون حقًا كان لامرئ أحق به مني، ففعلت ذلك، ﴿وَإِنْ أَدْرِي لَعَلَّهُ فِتْنَةٌ لَّكُمْ وَمَتَاعٌ إِلَىٰ حِينٍ﴾.»

 عن أنس بن سيرين، قال: «قال الحسن بن علي يوم كلم معاوية: "ما بين جابرس وجابلق: رجل جده نبي غيري وإني رأيت أن أصلح بين أمة محمد صلى الله عليه وسلم، وكنت أحقهم بذاك، ألا إنا قد بايعنا معاوية ولا أدري ﴿لَعَلَّهُ فِتْنَةٌ لَّكُمْ وَمَتَاعٌ إِلَىٰ حِينٍ﴾".»

وعن عمرو بن دينار، قال : «فقام الحسن فقال: يا أيها الناس إني كنت أكره الناس لأول هذا الحديث وأنا أصلحت آخره لذي حق أديت إليه حقه أحق به مني. أو حق جدت به لصلاح أمة محمد وإن الله قد ولاك يا معاوية هذا الحديث لخير يعلمه عندك أو لشر يعلمه فيك ﴿وَإِنْ أَدْرِي لَعَلَّهُ فِتْنَةٌ لَكُمْ وَمَتاعٌ إِلى حِينٍ﴾ ثم نزل.» بعد ذلك جاء الحسن بقيس بن سعد بن عبادة ليبايع معاوية، فبايعه.

شروط الصلح

كتاب الصلح بين الحسن ومعاوية  . . على النحو الآتي:

بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم

هَذَا مَا صَالح عَلَيْهِ الْحسن بن عَليّ رَضِي الله عَنْهُمَا مُعَاوِيَة بن أبي سُفْيَان صَالحه على:

أَن يسلم إِلَيْهِ ولَايَة الْمُسلمين على أَن يعْمل فيهم بِكِتَاب الله تَعَالَى وَسنة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وسيرة الْخُلَفَاء

 الرَّاشِدين المهديين.

وَلَيْسَ لمعاوية بن أبي سُفْيَان أَن يعْهَد إِلَى أحد من بعده عهدا بل يكون الْأَمر من بعده شُورَى بَين الْمُسلمين.

وعَلى أَن النَّاس آمنون حَيْثُ كَانُوا من أَرض الله تَعَالَى فِي شامهم وعراقهم وحجازهم ويمنهم.

وعَلى أَن أَصْحَاب عَليّ وشيعته آمنون على أنفسهم وَأَمْوَالهمْ وَنِسَائِهِمْ وَأَوْلَادهمْ حَيْثُ كَانُوا.

وعَلى مُعَاوِيَة بن ابي سُفْيَان بذلك عهد الله وميثاقه وَأَن لَا يَبْتَغِي لِلْحسنِ بن عَليّ وَلَا لِأَخِيهِ الْحُسَيْن وَلَا لأحد من أهل

 بَيت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم غائلة سرا وَلَا جَهرا وَلَا يخيف أحدا مِنْهُم فِي أفق من الْآفَاق.

أشهد عَلَيْهِ فلَان وَفُلَان بن فلَان وَكفى بِاللَّه شَهِيدًا.

وفاة الحسن

توفي عام 51 هـ. ومات وهو ابن سبع وأربعين سنة، أو ثمان وأربعين سنة، ورُوى أنه قبل مماته رأى رؤيا كأنّ بين عينيه مكتوب ( قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ )، ففسرها سعيد بن المسيب أن أجله قد اقترب، «لما اشتد بالحسن بن علي الوجع جزع، فدخل عليه الحسين فقال له: يا أبا محمد، ما هذا الجزع؟ ما هو إلا أن تفارق روحك جسدك، فتقدم على أبويك علي وفاطمة، وعلى جديك النبي ﷺ وخديجة، وعلى أعمامك حمزة وجعفر، وعلى أخوالك القاسم الطيب ومطهر وإبراهيم، وعلى خالاتك رقية وأم كلثوم وزينب، قال: فسُرّيَ عنه. وأن الحسن قال له: يا أخي إني أدخل في أمر من أمر الله لم أدخل في مثله، وأرى خلقا من خلق الله لم أر مثله قط. قال: فبكى الحسين رضي الله عنهما».

وصية الحسن

أوصى الحسنُ أخاه أن يدفنه في حجرة عائشة مع النبي، وقال: «ادفني عند أبي، - يعني النبي - إلا أن تخافوا الدماء، فادفني في مقابر المسلمين.»، و أنهم لما التمسوا من عائشة أن يدفن الحسن في حجرتها، قالت: «نعم وكرامة.»، ولكن منعهم مروان بن الحكم، وراسل معاوية بالخبر، واستعان بوالي المدينة المنورة يومئذٍ سعيد بن العاص، وقال: «لا ندعه يدفن مع رسول الله، أيدفن عثمان بالبقيع، ويدفن الحسن بن علي في الحجرة.»، فتنازع الحسين ومروان، وكادا يتقاتلا، فلما خاف الناس وقوع الفتنة أشار سعد بن أبي وقاص، وأبو هريرة، وجابر، وابن عمر على الحسين أن لا يقاتل، وقال له أبو هريرة: «أنشدك الله ووصية أخيك، فإن القوم لن يدعوك حتى يكون بينكم دماء.»، فدفنوه بالبقيع عند قبر فاطمة بنت أسد. واجتمع الناس لجنازته حتى ما كان البقيع يسع أحدًا من الزحام. وقدَّم الحسين والي المدينة المنورة سعيد بن العاص للصلاة على الحسن، وهو يقول لسعيد بن العاص، ويطعن في عنقه: تقدم، فلولا أنها سنة ما قُدِّمت.».

سبب وفاته

 قُتل مسمومًا، قال قتادة بن دعامة: «قال الحسن للحسين: قد سقيت السم غير مرة، ولم أسق مثل هذه، إني لأضع كبدي. فقال: من فعله؟ فأبى أن يخبره.»، وقال ابن حجر العسقلاني: «يقال إنه مات مسمومًا.»،

تعليقات