أشهر محاولات اغتيال النبيﷺ
- لقد ذكرالمؤرخين الكثيرمن محاولات الاغتيال التي تعرَّض لها رسول الله ﷺ ونجَّاه ربُّه منها.. فقد تعرَّض لمحاولاتٍ عديدةٍ لاغتياله والقضاء عليه وعلى دعوته، بل بدأ الأمر مبكِّرًا جدًّا ﷺ، وقد امتلأت السيرة النبوية المشرفة بالعديد والعديد من الأمثلة على ذلك نذكر منها :
قريش تريد قتل رسول الله ﷺ:
غضبت قريشا حين عرفوا أن أبا طالب قد أبى خذلان رسول الله ﷺ وإسلامه وإجماعه لفراقهم في ذلك وعداوته ، فمشوا إليه بعمارة بن الوليد بن المغيرة ، فقالوا له : يا أبا طالب، هذا عمارة بن الوليد أنهد فتى في قريش وأجمله، فخذه.. فلك عقله ونصره، واتخذْه ولدا فهو لك !.. وأسلم إلينا ابن أخيك هذا الذي قد خالف دينك ودين آبائك، وفرق جماعة قومك، وسفه أحلامنا فنقتله فإنما هو رجل برجل ! قال: والله لبئس ما تسومونني ! أتعطونني ابنكم أغذوه لكم، وأعطيكم ابني فتقتلونه ؟! هذا والله ما لا يكون أبدا.
محاولة ليلة هجرة النبي ﷺ
لما رأت قريش خروج المسلمين، خافوا خروج النبي محمد، فاجتمعوا في دار الندوة، واتفقوا أن يأخذوا من كل قبيلة من قريش شابًا فيقتلون النبي محمدًا فيتفرّق دمه بينَ القبائل. فأخبر جبريل النبي محمدًا بالخبر وأمره أن لا ينام في مضجعه تلك الليلة، فأمر النبي محمد عليًا أن يبيت في فراشه بدلا منه ويتغطى ببرده الأخضر ليظن الناس أن النبي محمدا نائم في فراشه. واجتمع أولئك النفر عِند بابه، لكنه خرج من بين أيديهم لم يره منهم أحد، وهو يحثو على رؤوسهم التراب تاليًا: وَجَعَلْنَا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا فَأَغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لَا يُبْصِرُونَ سورة يس:9، فلما أصبحوا ساروا إلى علي يحسبونه النبي، فلما رأوا عليًا، فقالوا: «أين صاحبك؟»، قال: «لا أدري»، فنزلت الآية : وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ .
محاولة أبو جهل :
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ أَبُو جَهْلٍ: هَلْ يُعَفِّرُ مُحَمَّدٌ وَجْهَهُ بَيْنَ أَظْهُرِكُمْ ؟ قِيلَ نَعَمْ . فَقَالَ: وَاللَّاتِ وَالْعُزَّى لَئِنْ رَأَيْتُهُ يَفْعَلُ ذَلِكَ لَأَطَأَنَّ عَلَى رَقَبَتِهِ أَوْ لَأُعَفِّرَنَّ وَجْهَهُ فِي التُّرَابِ . قَالَ : فَأَتَى رَسُولَ اللَّهِ ﷺ وَهُوَ يُصَلِّي زَعَمَ لِيَطَأَ عَلَى رَقَبَتِهِ ، قَالَ فَمَا فَجِئَهُمْ مِنْهُ إِلَّا وَهُوَ يَنْكُصُ عَلَى عَقِبَيْهِ وَيَتَّقِي بِيَدَيْهِ ! قَالَ فَقِيلَ لَهُ : مَا لَكَ ؟ فَقَالَ: إِنَّ بَيْنِي وَبَيْنَهُ لَخَنْدَقًا مِنْ نَارٍ وَهَوْلًا وَأَجْنِحَةً ! فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: " لَوْ دَنَا مِنِّي لَاخْتَطَفَتْهُ الْمَلَائِكَةُ عُضْوًا عُضْوًا "
ويقول أنس رضي الله عنه: «لقد ضربوا رسول الله صلى الله عليه وسلم مرَّةً حتى غُشي عليه، فقام أبو بكرٍ رضي الله عنه فجعل يُنادي: ويلكم أتقتلون رجلًا أن يقول ربِّي الله؟ فتركوه وأقبلوا على أبي بكر».
وتحكي أسماء بنت أبى بكر رضى الله عنهما هذا المشهد فقالت: «جاء الصريخ إلى أبي بكر، فقيل له: أَدْرِك صاحبك. فخرج من عندنا وإنَّ له غدائر، فدخل المسجد وهو يقول: ويلكم أتقتلون رجلًا أن يقول ربي الله وقد جاءكم بالبينات من ربكم؟!، قال: فلهوا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأقبلوا إلى أبي بكر، فرجع إلينا أبو بكر فجعل لا يمس شيئًا من غدائره إلَّا جاء معه، وهو يقول: تباركت يا ذا الجلال والإكرام!»، فكان أبو بكر من شدَّة الضرب لا يكاد تُعْرَف ملامح وجهه من كثرة الدماء، ولم تكن له جريمةٌ هو ورسول الله صلى الله عليه وسلم إلَّا أنَّهما قالا: ربُّنا الله.
محاولة عقبة بن أبى معيط :
عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ سَأَلْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو عَنْ أَشَدِّ مَا صَنَعَ الْمُشْرِكُونَ بِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ قَالَ رَأَيْتُ عُقْبَةَ بْنَ أَبِي مُعَيْطٍ جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ وَهُوَ يُصَلِّي فَوَضَعَ رِدَاءَهُ فِي عُنُقِهِ فَخَنَقَهُ بِهِ خَنْقًا شَدِيدًا فَجَاءَ أَبُو بَكْرٍ حَتَّى دَفَعَهُ عَنْهُ فَقَال: (أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ وَقَدْ جَاءَكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ مِنْ رَبِّكُمْ)
محاولة عمرو بن العاص قبل إسلامه :
عَنْ ابْنِ شِمَاسَةَ الْمَهْرِيِّ قَالَ حَضَرْنَا عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ وَهُوَ فِي سِيَاقَةِ الْمَوْتِ فَبَكَى طَوِيلًا وَحَوَّلَ وَجْهَهُ إِلَى الْجِدَارِ فَجَعَلَ ابْنُهُ يَقُولُ: يَا أَبَتَاهُ أَمَا بَشَّرَكَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بِكَذَا أَمَا بَشَّرَكَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بِكَذَا ؟؟ قَالَ فَأَقْبَلَ بِوَجْهِهِ فَقَالَ: إِنَّ أَفْضَلَ مَا نُعِدُّ شَهَادَةُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ؛ إِنِّي كُنْتُ عَلَى أَطْبَاقٍ ثَلَاثٍ: لَقَدْ رَأَيْتُنِي وَمَا أَحَدٌ أَشَدَّ بُغْضًا لِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ مِنِّي ، وَلَا أَحَبَّ إِلَيَّ أَنْ أَكُونَ قَدْ اسْتَمْكَنْتُ مِنْهُ فَقَتَلْتُهُ !.. فَلَوْ مُتُّ عَلَى تِلْكَ الْحَالِ لَكُنْتُ مِنْ أَهْلِ النَّارِ ؛ فَلَمَّا جَعَلَ اللَّهُ الْإِسْلَامَ فِي قَلْبِي أَتَيْتُ النَّبِيَّ ﷺ فَقُلْتُ: ابْسُطْ يَمِينَكَ فَلْأُبَايِعْكَ . فَبَسَطَ يَمِينَهُ . قَالَ: فَقَبَضْتُ يَدِي . فقَالَ ﷺ :" مَا لَكَ يَا عَمْرُو ؟ " قُلْتُ: أَرَدْتُ أَنْ أَشْتَرِطَ .. قَالَ: " تَشْتَرِطُ بِمَاذَا ؟ " . قُلْتُ: أَنْ يُغْفَرَ لِي . قَالَ: " أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ الْإِسْلَامَ يَهْدِمُ مَا كَانَ قَبْلَهُ ، وَأَنَّ الْهِجْرَةَ تَهْدِمُ مَا كَانَ قَبْلِهَا ، وَأَنَّ الْحَجَّ يَهْدِمُ مَا كَانَ قَبْلَهُ " .
محاولة عمر بن الخطاب قبل إسلامه :
خَرَجَ عُمَرُ يَوْمًا مُتَوَشّحًا سَيْفَهُ يُرِيدُ رَسُولَ اللّهِ ﷺ وَرَهْطًا مِنْ أَصْحَابِهِ قَدْ اجْتَمَعُوا فِي بَيْتٍ عِنْدَ الصّفَا .. فَلَقِيَهُ نُعَيْمُ بْنُ عَبْدِ اللّهِ فَقَالَ لَهُ أَيْنَ تُرِيدُ يَا عُمَرُ ؟ فَقَالَ أُرِيدُ مُحَمّدًا هَذَا الصّابِئَ الّذِي فَرّقَ أَمْرَ قُرَيْشٍ، وَسَفّهُ أَحْلَامَهَا، وَعَابَ دِينَهَا، وَسَبّ آلِهَتَهَا، فَأَقْتُلَهُ فَقَالَ لَهُ نُعَيْمٌ: وَاَللّهِ لَقَدْ غَرّتْك نَفْسُك مِنْ نَفْسِك يَا عُمَرُ أَتَرَى بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ تَارِكِيك تَمْشِي عَلَى الْأَرْضِ وَقَدْ قَتَلْت مُحَمّدًا ؟! أَفَلَا تَرْجِعُ إلَى أَهْلِ بَيْتِك فَتُقِيمَ أَمْرَهُمْ ؟ قَالَ. وَأَيّ أَهْلِ بَيْتِي؟ قَالَ خَتَنُك وَابْنُ عَمّك سَعِيدُ بْنُ زَيْدِ وَأُخْتُك فَاطِمَةُ، فَقَدْ وَاَللّهِ أَسْلَمَا، وَتَابَعَا مُحَمّدًا عَلَى دِينِهِ ، فَعَلَيْك بِهِمَا ؛ قَالَ فَرَجَعَ عُمَرُ عَامِدًا إلَى أُخْتِهِ وَخَتَنِهِ وَعِنْدَهُمَا خَبّابُ بْنُ الْأَرَتّ مَعَهُ صَحِيفَةٌ فِيهَا: {طَه} يُقْرِئُهُمَا إيّاهَا ، فَلَمّا سَمِعُوا حِسّ عُمَرَ تَغَيّبْ خَبّابٌ فِي مِخْدَعٍ لَهُمْ ، وَأَخَذَتْ فَاطِمَةُ بِنْتُ الْخَطّابِ الصّحِيفَةَ فَجَعَلَتْهَا تَحْتَ فَخِذِهَا ، وَقْدَ سَمِعَ عُمَرُ حِينَ دَنَا إلَى الْبَيْتِ قِرَاءَةَ خَبّابٍ عَلَيْهِمَا، فَلَمّا دَخَلَ قَالَ: مَا هَذِهِ الْهَيْنَمَةُ الّتِي سَمِعْتُ؟ لَقَدْ أُخْبِرْت أَنّكُمَا تَابَعْتُمَا مُحَمّدًا عَلَى دِينِهِ .. وَبَطَشَ بِخَتَنِهِ سَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ؛ فَقَامَتْ إلَيْهِ أُخْتُهُ فَاطِمَةُ لَتَكُفّهُ عَنْ زَوْجِهَا، فَضَرَبَهَا فَشَجّهَا؛ فَلَمّا فَعَلَ ذَلِكَ قَالَتْ لَهُ أُخْتُهُ وَخَتَنُهُ: نَعَمْ قَدْ أَسْلَمْنَا وَآمَنّا بِاَللّهِ وَرَسُولِهِ فَاصْنَعْ مَا بَدَا لَك . فَلَمّا رَأَى عُمَرُ مَا بِأُخْتِهِ مِنْ الدّمِ نَدِمَ عَلَى مَا صَنَعَ فَاِرْعَوى، وَقَالَ لِأُخْتِهِ أعْطِينِي هَذِهِ الصّحِيفَةَ الّتِي سَمِعْتُكُمْ تَقْرَءُونَ آنِفًا - وَكَانَ عُمَرُ كَاتِبًا - فَلَمّا قَالَ ذَلِكَ طَمِعَتْ فِي إسْلَامِهِ .. فناولته إياها.. فَلَمّا قَرَأَ مِنْهَا صَدْرًا ، قَالَ مَا أَحْسَنَ هَذَا الْكَلَامَ وَأَكْرَمَهُ !.. فَلَمّا سَمِعَ ذَلِكَ خَبّابٌ خَرَجَ إلَيْهِ فَقَالَ لَهُ: يَا عُمَرُ وَاَللّهِ إنّي لَأَرْجُو أَنْ يَكُونَ اللّهُ قَدْ خَصّك بِدَعْوَةِ نَبِيّهُ فَإِنّي سَمِعْته أَمْسِ وَهُوَ يَقُولُ : "اللّهُمّ أَيّدْ الْإِسْلَامَ بِأَبِي الْحَكَمِ بْنِ هِشَامٍ أَوْ بِعُمَرِ بْنِ الْخَطّابِ " فَاَللّهَ اللّهَ يَا عُمَرُ . فانطلق عمر إلى رسول الله و أعلن إسلامه.
محاولة سراقة بن مالك :
يَقُولُ سُرَاقَةَ بْنَ جُعْشُمٍ: جَاءَنَا رُسُلُ كُفَّارِ قُرَيْشٍ يَجْعَلُونَ فِي رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَأَبِي بَكْرٍ دِيَةَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَنْ قَتَلَهُ أَوْ أَسَرَهُ ... فَأَمَرْتُ جَارِيَتِي أَنْ تَخْرُجَ بِفَرسى .. فَرَكِبْتُهَا حَتَّى دَنَوْتُ مِنْهُمْ فَعَثَرَتْ بِي فَرَسِي فَخَرَرْتُ عَنْهَا فَقُمْتُ فَأَهْوَيْتُ يَدِي إِلَى كِنَانَتِي فَاسْتَخْرَجْتُ مِنْهَا الْأَزْلَامَ فَاسْتَقْسَمْتُ بِهَا أَضُرُّهُمْ أَمْ لَا فَخَرَجَ الَّذِي أَكْرَهُ فَرَكِبْتُ فَرَسِي وَعَصَيْتُ الْأَزْلَامَ تُقَرِّبُ بِي حَتَّى إِذَا سَمِعْتُ قِرَاءَةَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَهُوَ لَا يَلْتَفِتُ وَأَبُو بَكْرٍ يُكْثِرُ الِالْتِفَاتَ سَاخَتْ يَدَا فَرَسِي فِي الْأَرْضِ حَتَّى بَلَغَتَا الرُّكْبَتَيْنِ ، فَخَرَرْتُ عَنْهَا ثُمَّ زَجَرْتُهَا ، فَنَهَضَتْ ، فَلَمْ تَكَدْ تُخْرِجُ يَدَيْهَا فَلَمَّا اسْتَوَتْ قَائِمَةً إِذَا لِأَثَرِ يَدَيْهَا عُثَانٌ سَاطِعٌ فِي السَّمَاءِ مِثْلُ الدُّخَانِ فَنَادَيْتُهُمْ بِالْأَمَانِ فَوَقَفُوا فَرَكِبْتُ فَرَسِي حَتَّى جِئْتُهُمْ ، وَوَقَعَ فِي نَفْسِي حِينَ لَقِيتُ مَا لَقِيتُ مِنْ الْحَبْسِ عَنْهُمْ أَنْ سَيَظْهَرُ أَمْرُ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ .. فَقُلْتُ لَهُ : إِنَّ قَوْمَكَ قَدْ جَعَلُوا فِيكَ الدِّيَةَ . وَأَخْبَرْتُهُمْ أَخْبَارَ مَا يُرِيدُ النَّاسُ بِهِمْ ، وَعَرَضْتُ عَلَيْهِمْ الزَّادَ وَالْمَتَاعَ ، فَلَمْ يَرْزَآنِي وَلَمْ يَسْأَلَانِي ؛ إِلَّا أَنْ قَالَ : " أَخْفِ عَنَّا " فَسَأَلْتُهُ أَنْ يَكْتُبَ لِي كِتَابَ أَمْنٍ ، فَأَمَرَ عَامِرَ بْنَ فُهَيْرَةَ فَكَتَبَ فِي رُقْعَةٍ مِنْ أَدِيمٍ ، ثُمَّ مَضَى رَسُولُ اللَّهِ ﷺ
محاولة أبىّ بن خلف :
وَكَانَ أُبَيّ بْنُ خَلَفٍ يَلْقَى رَسُولَ اللّهِ ﷺ بِمَكّةَ فَيَقُولُ يَا مُحَمّدُ إنّ عِنْدِي الْعَوْذَ فَرَسًا أَعْلِفُهُ كُلّ يَوْمٍ فَرَقًا مِنْ ذُرَةٍ ، أَقْتُلُك عَلَيْهِ .. فَيَقُولُ رَسُولُ اللّهِ ﷺ: " بَلْ أَنَا أَقْتُلُك إنْ شَاءَ اللّهُ ". فَلَمّا رَجَعَ إلَى قُرَيْشٍ وَقَدْ خَدَشَهُ فِي عُنُقِهِ خَدْشًا غَيْرَ كَبِيرٍ فَاحْتَقَنَ الدّمُ .. قَالَ: قَتَلَنِي وَاَللّهِ مُحَمّدٌ ! قَالُوا لَهُ: ذَهَبَ وَاَللّهِ فُؤَادُك وَاَللّهِ إنْ بِك مِنْ بَأْسٍ . قَالَ إنّهُ قَدْ كَانَ قَالَ لِي بِمَكّةَ أَنَا أَقْتُلُك ، فَوَاَللّهِ لَوْ بَصَقَ عَلَيّ لَقَتَلَنِي . فَمَاتَ عَدُوّ اللّهِ وَهُمْ قَافِلُونَ بِهِ إلَى مَكّةَ .
محاولة عَامِرٍ بن الطفيل :
قَدِمَ عَامِرُ بْنُ الطّفَيْلِ عَدُوّ اللّهِ عَلَى رَسُولِ اللّهِ ﷺ وَهُوَ يُرِيدُ الْغَدْرَ بِهِ ، وَقَدْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ : يَا عَامِرُ إنّ النّاسَ قَدْ أَسْلَمُوا فَأَسْلِمْ . قَالَ وَاَللّهِ لَقَدْ كُنْتُ آلَيْتُ أَنْ لَا أَنْتَهِيَ حَتّى تَتْبَعَ الْعَرَبُ عَقِبِي ، أَفَأَنَا أَتْبَعُ عَقِبَ هَذَا الْفَتَى مِنْ قُرَيْشٍ ؟! ثُمّ قَالَ لِأَرْبَدَ: إذَا قَدِمْنَا عَلَى الرّجُلِ فَإِنّي سَأَشْغَلُ عَنْك وَجْهَهُ ، فَإِذَا فَعَلْتُ ذَلِكَ فَاعْلُهُ بِالسّيْفِ فَلَمّا قَدِمُوا عَلَى رَسُولِ اللّهِ ﷺ قَالَ عَامِرُ بْنُ الطّفَيْلِ: يَا مُحَمّدُ خَالِنِي ، قَالَ لَا وَاَللّهِ حَتّى تُؤْمِنَ بِاَللّهِ وَحْدَهُ . قَالَ يَا مُحَمّدُ خَالِنِي . وَجَعَلَ يُكَلّمُهُ وَيَنْتَظِرُ مِنْ أَرْبَدَ مَا كَانَ أَمَرَهُ بِهِ ؛ فَجَعَلَ أَرْبَدُ لَا يُحِيرُ شَيْئًا ؛ قَالَ فَلَمّا رَأَى عَامِرُ مَا يَصْنَعُ أَرْبَدُ قَالَ يَا مُحَمّدُ خَالِنِي قَالَ: " لَا ، حَتّى تُؤْمِنَ بِاَللّهِ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ " . فَلَمّا أَبَى عَلَيْهِ رَسُولُ اللّهِ ﷺ قَالَ: أَمَا وَاَللّهِ لَأَمْلَأَنّهَا عَلَيْك خَيْلًا وَرِجَالًا ؛ فَلَمّا وَلّى قَالَ رَسُولُ اللّهِ ﷺ : " اللّهُمّ اكْفِنِي عَامِرَ بْنَ الطّفَيْلِ ". فَلَمّا خَرَجُوا مِنْ عِنْدِ رَسُولِ اللّهِ ﷺ قَالَ عَامِرٌ لِأَرْبَدَ: وَيْلَك يَا أَرْبَدُ أَيْنَ مَا كُنْت أَمَرْتُك بِهِ ؟ وَاَللّهِ مَا كَانَ عَلَى ظَهْرِ الْأَرْضِ رَجُلٌ هُوَ أَخْوَفَ عِنْدِي عَلَى نَفْسِي مِنْك . وَاَيْمُ اللّهِ لَا أَخَافُك بَعْدَ الْيَوْمِ أَبَدًا . قَالَ لَا أَبَا لَك لَا تَعْجَلْ عَلَيّ ، وَاَللّهِ مَا هَمَمْت بِاَلّذِي أَمَرْتنِي بِهِ مِنْ أَمْرِهِ إلّا دَخَلْتَ بَيْنِي وَبَيْنَ الرّجُلِ حَتّى مَا أَرَى غَيْرَك ، أَفَأَضْرِبك بِالسّيْفِ ؟ وَخَرَجُوا رَاجِعِينَ إلَى بِلَادِهِمْ حَتّى إذَا كَانُوا بِبَعْضِ الطّرِيقِ بَعَثَ اللّهُ عَلَى عَامِرِ بْنِ الطّفَيْلِ الطّاعُونَ فِي عُنُقِهِ فَقَتَلَهُ اللّهُ فِي بَيْتِ امْرَأَةٍ مِنْ بَنِي سَلُولَ فَجَعَلَ يقول : أَغُدّةٌ كَغُدّةِ الْإِبِلِ وَمَوْتًا فِي بَيْتِ سَلُولِيّةٍ.
محاولة غورث بن الحارث :
عَنْ جَابِرٍ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ يُقَالَ لَهُ: غَوْرَثُ بْنُ الْحَارِثِ، حَتَّى قَامَ عَلَى رَأْسِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ بِالسَّيْفِ، فَقَالَ: مَنْ يَمْنَعُكَ مِنِّي؟ قَالَ: «اللَّهُ» ، فَسَقَطَ السَّيْفُ مِنْ يَدِهِ، فَأَخَذَهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فَقَالَ: «مَنْ يَمْنَعُكَ مِنِّي؟» قَالَ: كُنْ كَخَيْرِ آخِذٍ، قَالَ: «أَتَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ» ، قَالَ: لَا، وَلَكِنِّي أُعَاهِدُكَ أَنْ لَا أُقَاتِلَكَ، وَلَا أَكُونَ مَعَ قَوْمٍ يُقَاتِلُونَكَ، فَخَلَّى سَبِيلَهُ .
محاولة اغتياله ﷺ يوم أحد :
عن أبي سعيد الخدري : أن عتبة بن أبي وقاص رمى رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ ، فكسر رباعيته اليمنى السفلى ، وجرح شفته السفلى ، وأن عبد الله بن شهاب الزهري شجه في جبهته ، وأن ابن قمئة جرح وجنته فدخلت حلقتان من حلق المغفر وجنته ، ووقع رسول الله صلى الله عليه وسلم في حفرة من الحفر التي عمل أبو عامر ليقع فيها المسلمون ، وهم لا يعلمون ، فأخذ علي بن أبي طالب بيد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ورفعه طلحة بن عبيد الله حتى استوى قائما ، ومص مالك بن سنان ، أبو أبي سعيد الخدري الدم : عن وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم ازدرده ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم من مس دمي دمه لم تصبه النار .
ذكر الطبري : إنه عند الهجوم على الرسول تفرق عنه أصحابه وأصبح وحده ينادي «إليّ يا فلان، إليّ يا فلان، أنا رسول الله» واستطاع عتبة بن أبي وقاص الزهري القرشي أن يصل إلى الرسول ويكسر خوذة الرسول فوق رأسه الشريف وتمكن عبد الله بن شهاب الزهري القرشي من أن يحدث قطعا في جبهة الرسول وتمكن عبد الله بن قمئة الليثي الكناني من كسر أنفه وفي هذه الأثناء لاحظ أبو دجانة حال الرسول فانطلق إليه وارتمى فوقه ليحميه فكانت النبل تقع في ظهره وبدأ مقاتلون آخرون يهبون لنجدة الرسول منهم مصعب بن عمير وزياد بن السكن وخمسة من الأنصار فدافعوا عن الرسول ولكنهم قتلوا جميعا وعندما قتل عبد الله بن قميئة الليثي الكناني الصحابي مصعب بن عمير ظن أنه قتل الرسول فصاح مهللا «قتلت محمدا» ولكن الرسول في هذه الأثناء كان يتابع صعوده في شعب الجبل متحاملا على طلحة بن عبيد الله والزبير بن العوام واستنادا إلى رواية عن الزبير بن العوام فإن تلك الصرخة كانت عاملا مهما في هزيمة المسلمين حيث قال ابن العوام «وصرخ صارخ: ألا إن محمدا قد قتل، فانكفأنا وانكفأ القوم علينا»
محاولة يهود خيبر:
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّهُ قَالَ: لَمَّا فُتِحَتْ خَيْبَرُ، أُهْدِيَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ شَاةٌ فِيهَا سمٌّ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «اجْمَعُوا لِي مَنْ كَانَ هَا هُنَا مِنَ اليَهُودِ» فَجُمِعُوا لَهُ، فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «إِنِّي سَائِلُكُمْ عَنْ شَيْءٍ، فَهَلْ أَنْتُمْ صَادِقِيَّ عَنْهُ». فَقَالُوا: نَعَمْ يَا أَبَا القَاسِمِ، فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «مَنْ أَبُوكُمْ» قَالُوا: أَبُونَا فُلاَنٌ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «كَذَبْتُمْ، بَلْ أَبُوكُمْ فُلاَنٌ» فَقَالُوا: صَدَقْتَ وَبَرِرْتَ، فَقَالَ: «هَلْ أَنْتُمْ صَادِقِيَّ عَنْ شَيْءٍ إِنْ سَأَلْتُكُمْ عَنْهُ» فَقَالُوا: نَعَمْ يَا أَبَا القَاسِمِ، وَإِنْ كَذَبْنَاكَ عَرَفْتَ كَذِبَنَا كَمَا عَرَفْتَهُ فِي أَبِينَا، قَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «مَنْ أَهْلُ النَّارِ» فَقَالُوا: نَكُونُ فِيهَا يَسِيرًا، ثُمَّ تَخْلُفُونَنَا فِيهَا، فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «اخْسَئُوا فِيهَا، وَاللَّهِ لاَ نَخْلُفُكُمْ فِيهَا أَبَدًا». ثُمَّ قَالَ لَهُمْ: «فَهَلْ أَنْتُمْ صَادِقِيَّ عَنْ شَيْءٍ إِنْ سَأَلْتُكُمْ عَنْهُ» قَالُوا: نَعَمْ، فَقَالَ: «هَلْ جَعَلْتُمْ فِي هَذِهِ الشَّاةِ سَمًّا؟» فَقَالُوا: نَعَمْ، فَقَالَ: «مَا حَمَلَكُمْ عَلَى ذَلِكَ» فَقَالُوا: أَرَدْنَا: إِنْ كُنْتَ كَذَّابًا نَسْتَرِيحُ مِنْكَ، وَإِنْ كُنْتَ نَبِيًّا لَمْ يَضُرَّكَ .
محاولة يهود بنى النضير:
خَرَجَ رَسُولُ اللّهِ ﷺ إلَى بَنِي النّضِيرِ يَسْتَعِينُهُمْ فِي دِيَةِ ذَيْنِك الْقَتِيلَيْنِ مِنْ بَنِي عَامِرٍ اللّذَيْنِ قَتَلَ عَمْرُو بْنُ أُمَيّةَ الضّمْرِيّ ، لِلْجِوَارِ الّذِي كَانَ رَسُولُ اللّهِ ﷺ عَقَدَ لَهُمَا . فَلَمّا أَتَاهُمْ رَسُولُ اللّهِ ﷺ يَسْتَعِينُهُمْ فِي دِيَةِ ذَيْنِك الْقَتِيلَيْنِ قَالُوا: نَعَمْ يَا أَبَا الْقَاسِمِ نُعِينُك عَلَى مَا أَحْبَبْت ، مِمّا اسْتَعَنْت بِنَا عَلَيْهِ ثُمّ خَلَا بَعْضُهُمْ بِبَعْضِ فَقَالُوا: إنّكُمْ لَنْ تَجِدُوا الرّجُلَ عَلَى مِثْلِ حَالِهِ هَذِهِ - وَرَسُولُ اللّهِ ﷺ إلَى جَنْبِ جِدَارٍ مِنْ بُيُوتِهِمْ قَاعِدٌ - فَمَنْ رَجُلٌ يَعْلُو عَلَى هَذَا الْبَيْتِ فَيُلْقِي عَلَيْهِ صَخْرَةً فَيُرِيحُنَا مِنْهُ ؟ فَانْتَدَبَ لِذَلِكَ عَمْرُو بْنُ جَحّاشِ بْنِ كَعْبٍ ، أَحَدَهُمْ فَقَالَ : أَنَا لِذَلِكَ فَصَعِدَ لِيُلْقِيَ عَلَيْهِ صَخْرَةً كَمَا قَالَ ، وَرَسُولُ اللّهِ ﷺ فِي نَفَرٍ مِنْ أَصْحَابِهِ فِيهِمْ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعَلِيّ ، رِضْوَانُ اللّهِ عَلَيْهِمْ ؛ فَأَتَى رَسُولَ اللّهِ ﷺ الْخَبَرُ مِنْ السّمَاءِ بِمَا أَرَادَ الْقَوْمُ ؛ فَقَامَ وَخَرَجَ رَاجِعًا إلَى الْمَدِينَةِ .
محاولة المنافقين :
حديث أبي الطفيل الذي رواه الإمام أحمد في مسنده وأصله في صحيح مسلم قال: «لما أقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم من غزوة تبوك أمر مناديًا فنادى: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم آخذ بالعقبة، فلا يأخذها أحد، فسار رسول الله صلى الله عليه وسلم في العقبة، يقوده حذيفة ويسوقه عمّار، إذ أقبل رهطٌ متلثمون على الرواحل فغشوا عمّارًا وهو يسوق برسول الله صلى الله عليه وسلم وأقبل عمار يضرب وجوه الرواحل، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لحذيفة: قدْ قدْ، حتى هبط رسول الله صلى الله عليه وسلم من الوادي، فلما هبط ورجع عمار، قال: يا عمار، هل عرفت القوم؟ قال: قد عرفت عامة الرواحل، والقوم متلثمون، قال: هل تدري ما أرادوا؟ قال: الله ورسوله أعلم، قال: أرادوا أن يُنفّروا برسول الله صلى الله عليه وسلم فيطرحوه، قال: فسار عمّار رجلًا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فقال: نشدتك بالله! كم تعلم كان أصحاب العقبة؟ قال: أربعة عشر رجلًا، فقال: إن كنت فيهم فقد كانوا خمسة عشر رجلًا، قال: فعذر رسول الله صلى الله عليه وسلم منهم ثلاثة؛ قالوا: والله ما سمعنا منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم، وما علمنا ما أراد القوم. فقال عمار: أشهد أن الاثني عشر الباقين، حرب لله ولرسوله في الحياة الدنيا، ويوم يقوم الأشهاد». هم مُعَتِّب بن قشير ، ووديعة بن ثابت ، وجد بن عبد الله بن نَبْتَل بن الحارث من بني عمرو بن عوف ، والحارث بن يزيد الطائي ، وأوس بن قَيْظِي ، والحارث بن سُوَيْد ، وسعد بن زرارة ، وقيس بن فهد ، وسويد وداعس من بني الحبلي ، وقيس بن عمرو بن سهل ، وزيد بن اللصيت ، وسلالة بن الحمام ، وهما من بني قينقاع أظهرا الإسلام .
محاولة فضالة بن عامر :
قَالَ ابْنُ هِشَامٍ : إنّ فَضَالَةَ بْن عُمَيْرِ بْنِ الْمُلَوّحِ اللّيْثِيّ أَرَادَ قَتْلَ النّبِيّ ﷺ وَهُوَ يَطُوفُ بِالْبَيْتِ عَامَ الْفَتْحِ فَلَمّا دَنَا مِنْهُ . قَالَ رَسُولُ اللّهِ ﷺ: " أَفَضَالَةُ ؟ " قَالَ نَعَمْ فَضَالَةُ يَا رَسُولَ اللّهِ ﷺ .. قَالَ : " مَاذَا كُنْت تُحَدّثُ بِهِ نَفْسَك ؟ " قَالَ: لَا شَيْءَ كُنْت أَذْكُرُ اللّهَ قَالَ : فَضَحِكَ النّبِيّ ﷺ . ثُمّ قَالَ: " اسْتَغْفِرْ اللّهَ ". ثُمّ وَضَعَ يَدَهُ عَلَى صَدْرِهِ فَسَكَنَ قَلْبُهُ .. فَكَانَ فَضَالَةُ يَقُولُ : وَاَللّهِ مَا رَفَعَ يَدَهُ عَنْ صَدْرِي حَتّى مَا مِنْ خَلْقِ اللّهِ شَيْءٌ أَحَبّ إلَيّ مِنْهُ .
محاولة المشركون يوم حنين:
يوم حنين : " لَمَّا غَشُوا النَّبِيّ ﷺ - يعنى أحاطوا به يريدون قتله - نَزَلَ عَنْ الْبَغْلَة ، ثُمَّ قَبَضَ قَبْضَة مِنْ تُرَاب ، ثُمَّ اِسْتَقْبَلَ بِهِ وُجُوههمْ فَقَالَ : شَاهَتْ الْوُجُوه ، فَمَا خَلَقَ اللَّه مِنْهُمْ إِنْسَانًا إِلَّا مَلَأ عَيْنَيْهِ تُرَابًا بِتِلْكَ الْقَبْضَة فَوَلُّوا مُنْهَزِمِينَ "
يوم حنين : قَالَ شَيْبَةُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ : قُلْت: الْيَوْمَ أُدْرِكُ ثَأْرِي ًا مِنْ مُحَمّدٍ ) ، وَكَانَ أَبُوهُ قُتِلَ يَوْمَ أُحُدٍ ، الْيَوْمَ أَقْتُلُ مُحَمّدًا . قَالَ : فَأَدَرْتُ بِرَسُولِ اللّهِ ﷺ لِأَقْتُلَهُ .. فَأَقْبَلَ شَيْءٌ حَتّى تَغَشّى فُؤَادِي ، فَلَمْ أُطِقْ ذَاكَ ، وَعَلِمْت أَنّهُ مَمْنُوعٌ مِنّي .
محاولة النضير بن الحارث :
كان النضير ابن الحارث بن كلدة من أجمل الناس فكان يقول: الحمد لله الذى منّ علينا بالاسلام، ومنّ علينا بمحمد ﷺ ، ولم نمت على ما مات عليه الآباء وقتل عليه الإخوة وبنو العم. ثم ذكر عداوته للنبى ﷺ وأنه خرج مع قومه من قريش إلى حنين وهم على دينهم بعد، قال: ونحن نريد إن كانت دائرة على محمد أن نغير عليه- يعنى نغتاله - فلم يمكنّا ذلك، فلما صار بالجعرانة فوالله إنى لعلى ما أنا عليه .. إن شعرت إلا برسول الله ﷺ فقال: " أنضير ؟ " قلت: لبيك، قال: " هل لك إلى خير مما أردت يوم حنين مما خال الله بينك وبينه ؟ " قال: فأقبلت إليه سريعا فقال: " قد آن لك أن تبصر ما كنت فيه توضع " قلت: قد أدرى أن لو كان مع الله غيره لقد أغنى شيئا، وإنى أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، فقال رسول الله ﷺ: " اللهم زده ثباتا " قال النضير: فوالذي بعثه بالحق لكأن قلبى حجر ثباتا في الدين، وتبصرة بالحق. فقال رسول الله ﷺ: " الحمد لله الذى هداه " .
محاولة عُتيبة بن أبى لهب :
جَاءَ عتيبة بن أبى لهب إلى النَّبِيّ ﷺ حِينَ فَارَقَ أُمَّ كُلْثُومٍ بنت رسول الله بعد إسلامها– و كان قد عقد عليها دون دخول - فَقَالَ لرسول الله ﷺ : كَفَرْتُ بِدِينِكَ، وَفَارَقْتُ ابْنَتَكَ، لَا تُحِبُّنِي وَلَا أُحِبُّكَ.. ثُمَّ تَسَلَّطَ عَلَى رَسُولِ الله ﷺ فَشَقَّ قَمِيصَهُ .. فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «أَمَا إِنِّي أَسْأَلُ اللهَ أَنْ يُسَلِّطَ عَلَيْهِ كَلْبَهُ» ، فَخَرَجَ نَفَرٌ مِنْ قُرَيْشٍ حَتَّى نَزَلُوا فِي مَكَانٍ مِنَ الشَّامِ يُقَالُ لَهُ الزَّرْقَاءُ لَيْلًا، فَأَطَافَ بِهِمُ الْأَسَدُ تِلْكَ اللَّيْلَةَ، فَجَعَلَ عُتَيْبَةُ يَقُولُ: يَا وَيْلُ أُمِّي ! هُوَ وَاللهِ آكِلِي كَمَا دَعَا مُحَمَّدٌ عَلَيَّ، قَتَلَنِي ابْنُ أَبِي كَبْشَةَ، وَهُوَ بِمَكَّةَ، وَأَنَا بِالشَّامِ.. فَعَوَى عَلَيْهِ الْأَسَدُ مِنْ بَيْنِ الْقَوْمِ، وَأَخَذَ بِرَأْسِهِ فَضَغَمَهُ ضَغْمَةً فَذَبَحَهُ .
محاولة عمير بن وهب الجمحي:
وفي موقفٍ آخر جلس عمير بن وهب الجمحي يومًا في حِجْر الكعبة ومعه صفوان بن أمية، وتذاكرا أصحاب بدر من أهل مكة، واتَّفقوا أن يقوم عميرٌ بقتل رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأن يعول صفوان أهله لو حدث له مكروه، ولمـَّا وصل عمير المدينة فدخل المسجد متوشِّحًا السيف، فقام عمر رضي الله عنه فاستأذن النبيَّ صلى الله عليه وسلم، قال: «فأَدْخِلْهُ عَلَيَّ»، فدخل به على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلمَّا رآه رسول الله صلى الله عليه وسلم وعمر آخذٌ بحمالة سيفه في عنقه، قال: «أَرْسِلْهُ يَا عُمَرُ! ادْنُ يَا عُمَيْرُ!». فدنا، ثم قال: أَنْعِمْ صباحًا! وكانت تحيَّة أهل الجاهليَّة بينهم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «قَدْ أَكْرَمَنَا اللهُ بِتَحِيَّةٍ خَيْرٍ مِنْ تَحِيَّتِكَ يَا عُمَيْرُ! بِالسَّلَامِ تَحِيَّةَ أَهْلِ الْجَنَّةِ»، قال: أَمَا والله يا محمد! إن كنت بها لحديث عهد، قال: «فَمَا جَاءَ بِكَ يَا عُمَيْرُ؟» قال: جئتُ لهذا الأسير الذي في أيديكم فأحسنوا فيه، قال: «فَمَا بَالُ السَّيْفِ فِي عُنُقِكَ؟» قال: قبَّحها الله من سيوف، وهل أغنت شيئًا.
قال صلى الله عليه وسلم: «اصْدُقْنِي مَا الَّذِي جِئْتَ لَهُ؟» قال: ما جئتُ إلَّا لذلك.
قال صلى الله عليه وسلم: «بَلْ قَعَدْتَ أَنْتَ وَصَفْوَانُ بْنُ أُمَيَّةَ فِي الْحِجْرِ، فَذَكَرْتُمَا أَصْحَابَ القَلِيبِ مِنْ قُرَيْشَ (الذين قُتِلُوا في بدر)، ثُمَّ قُلْتَ: لَوْلَا دَيْنٌ عَلَيَّ وَعِيَالٌ عِنْدِي لَخَرَجْتُ حَتَّى أَقْتُلَ مُحَمَّدًا، فَتَحَمَّلَ لَكَ صَفْوَانُ بْنُ أُمَيَّةَ بِدَيْنِكَ وَعِيَالِكَ عَلَى أَنْ تَقْتُلَنِيَ لَهُ، وَاللهُ حَائِلٌ بَيْنَكَ وَبَيْنَ ذَلِكَ». فقال عمير: أشهدُ أنَّك رسول الله، قد كنَّا يا رسول الله! نُكذِّبُك بما كنت تأتينا به من خبر السماء، وما ينزل عليك من الوحي، وهذا أمرٌ لم يحضره إلَّا أنا وصفوان؛ فوالله إنِّي لأعلمُ ما أتاك به إلَّا الله، فالحمد لله الذي هداني للإسلام، وساقني هذا المساق، ثم شهد شهادة الحق، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «فَقِّهُوا أَخَاكُمْ فِي دِينِهِ، وَعَلِّمُوهُ الْقُرْآنَ، وَأَطْلِقُوا أَسِيرَهُ» ففعلوا .
صدق رب العزة سبحانه: ] وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ [.
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
والحمد لله رب العالمين
تعليقات
إرسال تعليق